كونفوشيوس .. مذهب و فلسفة الأخلاق ( الكونفوشيوسية )

الكونفوشيوسية هي في تلك الفلسفة الأخلاقية التي نبعت جذورها من الصين، و اتسعت وصولا الى كوريا، اليابان، تايوان ثم فيتنام . هي التي استمرت لحوالي عشرين قرنا، صامدة و معها الشعوب التي اتخدتها أسلوبا في الحياة، بفضلها عرفت الصين إستقرارا داخليا و هذا ما ظهر جليا على طِباع الرجل الصيني الذي تميز بالعقلانية، الهدوء و التفكير العميق، كان هذا قبل أن يأذن الزمن بظهور الفكر الإشتراكي بزعامة ماوتسي تونغ، و بهذا أُعلن عن نهاية حقبة زمنية طويلة تميزت بسيادة مذهب و طريقة للحياة الإجتماعية و السياسية أساسها أخلاقي و مؤسسها الرجل العظيم كونفوشيوس .


من هو كونفوشيوس ؟  
رأى كونفوشيوس النور يوم 28 سبتمبر 551 ق.م في بلدة شانتوك بولاية لو الصينية، توفي والده و هو لا يزال صغيرا، و تربى في حظن أمه في ظروف جد قاسية ، حيث عانوا ويلات الفقر و الحرمان، و كان لهذا أثر جليّ في طريقة تفكيره . و في مرحلة شبابه عمل موظفا حكوميا قبل أن يعتزل و هو في الثلاثينيات من عمره، بعدها أمضى حوالي ستة عشر عاما يُلقِّن الناس مذهبه، و كان عليه إقبال من طرف العامة بسبب أسلوبه و طبيعة فلسفته .
عند بلوغه الخمسين عاما عاد للعمل الحكومي و بسبب أفكاره التي جمعت الناس حوله، و كأي مفكر، كان له حاقدين و معارضين أيضا، هؤلاء استطاعوا إنهاء مشواره الحكومي ، و كردَّة فعل من كونفوشيوس ترك لهم هو الآخر البلاد كلها، و عاد للتجوال و الترحال، ناشرا لمذهبه و أفكاره بين الناس . أمضى ثلاثة عشر عاما بعيدا عن بلدته، التي عاد اليها ليمضي فيها خمس سنوات، هي التي تبقت من حياته، قبل أن يتوفي سنة 479 ق.م و هو يبلغ من العمر حوالي 71 عاما .

فلسفة كونفوشيوس (الكونفوشيوسية )
هي عبارة عن طريقة في الحياة الخاصة و السلوك الإجتماعي و السياسي، تنبني على أساس حب الناس و حسن معاملة الغير، حسن الحديث و الأدب في الخطاب، و كف أذى اليد و اللسان، و من أهم مبادئها إحترام الأكبر سناً و مقاماً، طاعة الصغير للكبير و طاعة المرأة لزوجها كما دعت لتقديس الأسرة و تفادي الطغيان أو الإستبداد و خاصة من طرف الحكام و ذوي النفود، القوة أو الجاه .
كما أوجب كونفوشيوس على الحكومة أن تعطي مثالا على الأخلاق ، و ألزمها أن تسهر على خدمة المواطن لأن هذا هو الهدف الأسمى من إنشائها و ليس العكس .
و ما ميز الكونفوشيوسية هو نظرتها المحافظة للحياة، و حنينها للماضي . حيث إعتبره كونفوشيوس العصر الذهبي للإنسانية، كما دعا الناس الى محاولة العيش على الطريقة القديمة، و استطاع أن يؤثر في الناس و يقنعهم بأفكاره و يجعلهم متمسكين بها و ذلك من خلال سببين، الأول كونه صادقا و مخلص، و الثاني و الأهم توافق أسلوبه المعقول، المعتدل و العملي مع المزاج الصيني، كما تميزت أفكاره بالتأكيد على ما يقومون به، يعني هم ليسوا في حاجة لتغيير أحوالهم بطريقة جدرية، بل يكفي تمسكهم بمبادئهم الفطرية.
كما كان له معارضون كثر و بخاصة الحكام، حيث بعد قرون من وفاته قام الحاقدون على أفكاره بحرق كتبه و حرمان الناس من تعاليمه، لكن سرعان ما عادت بقوة، على يد ثلامذته المتواجدين في كل جزء من أقاليم الصين، و انتشروا في البلاد و خارجها لزرع فلسفة و مذهب إستمر لحوالي عشرين قرنا بعد ذلك، من القرن الأول قبل الميلاد الى بدايات القرن العشرين .

بعض أقوال و حكم كونفوشيوس
  •  وقتما كنت في الخامسة عشر وقفت نفسي على الاطلاع، فلما بلغت الثلاثين توطدت معلوماتي، فلما أصبحت في الأربعين زالت شكوكي وفي الخمسين ميزت إرادة السماء، وفي الستين كنت مستعدا للإصغاء إليها، وفي السبعين تيسر لي إطاعة رغبة قلبي دون أن أتجاوز ما هو حق.
  •  لو قال كل إنسان ما يفكر فيه بصدق فإن الحوار بين البشر يصبح قصيراً جداً.
  •  سلح عقلك بالعلم خير من أن تزين جسدك بالجواهر.
  •  ليس من أغراك بالعسل حبيباً، بل من نصحك بالصدق عزيزاً.
  •  العقل كالمعدة المهم ما تهضمه لا ما تبتلعه.
  •  مما قاله عن لسان المرأة " إنك مهما حذرت من لسان المرأة فسوف تلدغ منه عاجلاً أو أجلاً ".
  •  إن تجاوز الهدف مثل عدم بلوغه.
  •  ليست العظمة في ألا تسقط أبداً بل في أن تسقط ثم تنهض من جديد.
  •  اعتق ما أحببت، فإذا عاد إليك فهو ملك لك إلى الأبد.
  •  ما يبحث عنه الرجل النبيل موجود في نفسه، وما يبحث عنه الرجل الدنيء موجود عند الآخرين.
---------------------------------------
⚠ اقرأ أيضا : سيرة معمر القذافي بين الثائر الشاب و الديكتاتور العجوز
---------------------------------------

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة