أسوء 6 كوارث عرفها تاريخ المهمات الفضائية


منذ القدم و الإنسان يطمح لمعانقة السماء و التحليق مع الطيور، هذا الإصرار و الطموح الجريء رغم طول الزمن الا أنه تحقق مع تمكن الإخوة رايت سنة 1903 من التحليق بأول طائرة ذات محرك في التاريخ . و في السنوات اللاحقة كان العالم يرى أن مغادرة القبة السماوية هو ضرب من المستحيل، لكن مع نهاية الحرب العالمية الثانية اشتد الصراع بين المعسكرين الشرقي و الغربي صراع من سيخترق أعالي السماء . هذا التنافس الذي لازال مستمرا الى اليوم مع تزايد في أطرافه، جاء بإنجازات تاريخية كما أدى الى حوادث مأساوية .. و في هذه القائمة سنعرض لكم أسوء 6 كوارث عرفها تاريخ المهمات الفضائية .

حادث الصاروخ N1

اعتبرت سلسلة صواريخ N1 السوفييتية الأمل الذي آمن به الروس في سباقهم نحوالقمر، لكن لسوء الحظ كل محاولاتهم الأربع باءت بالفشل، . في احدى محاولات الإطلاق هذه حدث انفجار هائل شبيه بإنفجار هيروشيما النووي، و يعتبر الى اليوم أكثر الإنفجارات الغير نووية قوة في التاريخ .

ففي الـ الثالث من يوليو سنة 1969 في ثاني المحاولات و قبل أسبوعين فقط من اطلاق مهمة أبولو 11 التاريخية نحو القمر، أقلع الصاروخ N1  لإرتفاع 200 متر قبل أن يسقط وينفجر بشكل مدوي محطما معه محطة الإطلاق . خلصت التحقيقات الى أن السبب كان قطعة معدنية انفصلت عن احدى مضخات الوقود، فابتلعها احد المحركات مما أدى الى توقفه، لتقوم الجاذبية بدورها و تسحب الصاروخ المحمل بأطنان من الوقود الى الأرض . استغرق الأمر 18 شهرا لإعادة بناء محطة الإطلاق، هذا ما أجبر الروس على الإنتظار حتى صيف 1971 لإجراء أقلاعهم التالي . و في تلك الفترة كانت الولايات المتحدة تتفاخر بغرس عَلمها على القمر .


حادث تايتن 4


في صباح الـ 12 من أغسطس سنة 1998، و بعد حوالي 40 ثانية من اقلاعه انفجر الصاروخ الأمريكي "Titan IV" قبل أن يسقط فوق المحيط الأطلسي غير بعيد عن مركز اطلاق كاب كانافيرال بفلوريدا . و كان يحمل قمر تجسس عسكري سري اسمه "Mercury" تبلغ كلفته مليار دولار . و حسب التحقيقات فإن الحادث كان نتيجة تماس في الدوائر الكهربائية للصاروخ تسبب في تعطيل نظام التوجيه . هذا ما جعله يميل عن اتجاهه ليبدأ في التفكك لأشلاء. ليقوم بعدها بتفجير نفسه . هذا الإنفجار الذي حدث على ارتفاع 20.000 قدم، كان مدويا لدرجة أنه تسبب في اطلاق صفارات انذار سيارات على بعد 20 ميلا .


كارثة نيديلين 1960


وقعت كارثة نيديلين في أكثوبر 1960، بمركز بايكونور الفضائي في الإتحاد السوفييتي . عندما كان المهندسون الروس يجربون أحد نماذج الصاروخ "R-16" الحديث الصنع، و بسبب تماس كهربائي اشتعلت النيران مسببة انفجار النموذج هذا ما أودى بحياة أكثر من 80 شخصا ممن كانو هناك من جنود و مهندسين . أحد الضحايا كان المارشال المسؤول عن القوات الإستراتيجية السوفييتية و اسمه "متروفان نيديلين" و الذي سميت الكارثة باسمه .

زعيم الإتحاد السوفييتي أنذاك "نيكيتا خروشوف" أمر مباشرة بكتم الخبر و اعتبره سرا للدولة . و أعلن أن ميديلين قد توفي نتيجة تحطم طائرة .

بعد اجراء التحقيقات من طرف لجنة مختصة، خلصت الى أنه لم يتم احترام معايير السلامة كما أنه تواجد عدد كبير من الأشخاص قرب موقع الإطلاق، هذا ما تسبب في وفيات كثيرة . أما هذ السر فلم يتم الإعلان عنه حتى سنة 1990 .


كارثة انتل سات 708


في الـ 14 من فبراير سنة 1996، و من مركز اطلاق كزيشانج في مدينة سيشوان الصينية، كان الصاروخ "Long March 3B" الصيني الصنع، يستعد لحمل قمر اتصالات أمريكي هو "انتل سات 708" الى مداره حول الأرض . لكن بعد اقلاعه ببضعة أمتار تغير مساره بشكل مفاجئ قبل أن يسقط و ينفجر فوق أحدى القرى المأهولة . بعد الحادث، تم اخلاء المنطقة و اجلاء الصحافة الأجنبية لمدة خمس ساعات قبل أن يتم اخراجهم من الموقع . قدرت السلطات الصينية الوفيات بـ 6 حالات اضافة لـ 57 مصاب، لكن حسب التقديرات الغير رسمية فإن الوفيات كانت ما بين 200 الى 500 شخص . كما لاحظ الصحفيون بعد اخراجهم من الملاجئ أن العديد من البنايات كانت متضررة و بعضها مستوي بالأرض . بعض الشهود أكدوا أنهم رأو ما يشبه بقايا أجساد بشرية، اضافة للعشرات من سيارات الإسعاف تجوب المنطقة .

بعد سنوات قليلة من هذا الحادث الذي لا تزال نتائجه محور جدل، ازيلت القرى المجاورة لمحطة الإطلاق كأنها لم تكن موجودة .


كارثة كولومبيا 2003


تفكك المكوك الفضائي "كولومبيا" و هو يدخل الغلاف الجوي للأرض في الأول من فبراير سنة 2003، مما تسبب في مقتل طاقمه البالغ عدده سبعة رواد بعد أن قضوا أسبوعين في الفضاء بدون مشاكل ، من بين رواد الفضاء كانت "كالبانا شاولا" أول امرأة هندية تزورالفضاء الخارجي . هذه الكارثة أيضا كان يمكن تفاديها لو أن ناسا لم تكرر نفس الأخطاء التي أدت لحادث شالنجر سنة 1986 .



فقدان كولومبيا هو نتيجة ضرر لحق بالمكوك خلال الإقلاع قبل 16 يوم من الحادث ، عندما تسببت قطعة اسفنجية صغيرة انفصلت عن الخزان الخارجي للمكوك، بسبب قوة الإحتكاك مع الهواء . هذه القطعة أحدثت ضرر على مقدمة الجناح الأيسر مما أدى الى تلف نظام الحماية الحرارية للمكوك (TPS)، و الذي يحمي المركبة من الحرارة الناتجة عند دخول الغلاف الجوي . عندما كانت "كولومبيا" في مدارها حول الأرض ، اشتبه بعد المهندسين بوجود أضرار ، لكن مديري ناسا حدوا من التحقيقات تحت دريعة أنه حتى لو وجدت مشاكل لا يمكننا فعل شيء كبير حيالها . خلال عودة "كولومبيا" الى الأرض، تسببت المنطقة المتضررة بتسرب هواء ساخن الى داخل الجناح الأيسر للمكوك مما أدى الى تخريب بنيته الداخلية ، هذا ما سبب في الأخير تفكك المركبة و اشتعالها في السماء .

هذا الإهمال من وكالة ناسا وجه لها أصابع الإتهام ، أما برنامج الرحلات المأهولة فتم إيقافه سنة 2011 . و الواضح أن خسائر شالنجر و كولومبيا لعبت دورا حاسما في اتخاد هذا القرار .


كارثة شالنجر 1986

في الـ 28 من يناير سنة 1986 انفجر المكوك الفضائي "شالنجر" بعد 73 ثانية من اقلاعه فأودى بحياة فريقه المكون من 7 أشخاص و بينهم معلمة كان من المقرر أن تقدم درسا لتلاميذ أمريكا و العالم من الفضاء . هذا ما جعل الحادث أكثر مأساوية كما خلق صدمة بالنسبة للعالم أجمع.

السبب يكمن في فشل في التصميم حيث تم اعتماد دوائر مطاطية لجمع أجزاء المكوك و ذلك للإقتصاد في النفقات ، و عند الإقلاع و بسبب البرودة و الإحتكاك القوي مع الهواء، تشققت احدى هذه الروابط على الدافع الأيمن، المجاور للخزان الخارجي للمكوك ، مما أدى لنشوب نيران . خلال ثواني فقط تضرر خزان الوقود الرئيسي المليء بالهيدروجين ، هذا ما عجل بإنفجاره . قمرة القيادة و العديد من الأجزاء الأخرى وجدت وسط المحيط بعيدا عن منصة كاب كانافيرال ، خلال عمليات البحث في الشهور اللاحقة.


كانت أول مرة في تاريخ الإكتشافات الفضائية الأمريكية يقتل رواد و هم في الطريق الى الفضاء . أوضحت التحقيقات أن الحادث كان يمكن تجاوزه ، و خلصت للنقاط التالية : عدم اعطاء التقييم الكافي للخطر، التسرع في اتخاد القرارات ، توقيت الإقلاع الغير مناسب ، الظروف الجوية الغير المعتدلة و غياب أي نظام للنجاة داخل المكوك . بـ 5,5 مليار دولار من النفقات ، كارثة شالنجر تعتبر خامس أكثر الكوارث التكنولوجية كلفة في التاريخ، بعد كارثة تشيرنوبل النووية في نفس السنة ، انفجار بريمة النفط "ديب واتر هورايزن" سنة 2010 ، كارثة المكوك كولومبيا سنة 2003 و غرق ناقلة النفط "بريستيج" سنة 2002.


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة