من منا لا يعرف بابلو اسكوبار، بارون المخدرات الأشهر على الإطلاق . كيف لا و هو الذي لا يفارق اسمه لفظة كوكايين، و ربما البعض يتذكرونه بمجرد ذكر دولة كولومبيا .
في هذه الحلقة من سلسلة "من هو ؟" سنتعرف على حياة هذا الرجل الحافلة بالأحداث، و اللحظات الحاسمة، و الكميات الهائلة من الكوكايين التي وصلت لجميع دول المنطقة .
الطفولة
ولد بابلو ايميليو اسكوبار غافيريا، في الأول من ديسمبر سنة 1949 بـمدينة "ريو نغرو" الكولومبية . والده أبيل دي خيسوس داري اسكوبار كان فلاحا، و أمه هيرميلدا كافيريا كانت معلمة في مدرسة ابتدائية .
بدأت شخصيته الإجرامية بالظهور منذ صغره، حيث كان يسرق شواهد القبور ليعيد بيعها . و خلال مرحلة شبابه ارتاد الجامعة لفترة قصيرة .
الشباب
في العشرينات من العمر قام بابلو بالعديد من الأعمال الإجرامية، كبيع أوراق اليانصيب المزورة، السجائر المهربة و سرقة السيارات. و اشتغل أيضا حارسا شخصيا . حتى أنه حصّل فدية قدرها 100 ألف دولار بعد خطفه لأحد نواب مدينة ميديلين .
الكوكايين
بدأ اسكوبار استثماره في الكوكايين سنة 1975، عبر ارسال و ربما قيادة طائرات محملة بهذا المخدر، الى الولايات المتحدة الأمريكية.
و في أحد الكتب مجهولة المؤلف التي ظهرت في كولومبيا سنة 1989، يحكي بابلو عن بداياته : "كيف بدأت ؟ كنت شابا لديه طموح و رغبة في الحياة . لم اكن اعرف شيئا عن تهريب المخدرات . قبل أن أقابل شابا أمريكيا في أحد ملاهي ميديلين و كان يملك طائرة خاصة . و أراد شراء الكوكايين . فيما بعد أخدت قراري . ووضعته على اتصال مع متخصصين . منذ تلك اللحظة وجدت نفسي مرتبطا بحبل هذه التجارة، و التي تعرفت عبرها على العديد من الأصدقاء. بدأنا ببيع الكوكايين لهذا الطيار الأمريكي، الذي كان يأتي لكولومبيا بطائرته الأمريكية و يدفع نقدا بالدولار. للوهلة الأولى بدا لي هذا العمل سهلا، قليل المخاطر و مربح للغاية . كما أنه لم يتطلب قتل الناس، ففي تلك الفترة لم يكن يظهر على الصفحات الأولى للجرائد .. و في داخلي ، وجدت هذا العمل طبيعي للغاية "
و يعتقد أن بابلو اسكوبار المسؤول عن اغتيال اكبر مهربي مدينة ميديلين انذاك "فابيو ريستريبو"، ليستلم أعماله و يزيد من سمعة المدينة . تم القبض على اسكوبار في مايو 1975، لكنه أرشى الشرطة التي أطلقت سراحه و أغلقت القضية . و بعدها صارت رشوة و قتل المسؤولين الأمنيين عادة يومية لديه تحت مسمى "مال أو رصاص" .
في سن السادسة و العشرين تزوج بابلو من ماريا فيكتوريا ايناو ذات الخمسة عشر سنة و التي خلّف منها ابنين خوان بابلو و مانويلا . و سكنت العائلة في منزل فاخر، أطلقوا عليه اسم "مزرعة نابولي" .
مع زيادة الطلب على الكوكايين في الولايات المتحدة، بدأ بابلو ينشأ شبكات نقل في جنوب كل من فلوريدا و كاليفورنيا و أجزاء أخرى من أمريكا . هو و شريكه كارلوس ليدير، اشتروا أجزاء كبيرة من جزيرة نورمان كاي في الباهاماس. و عليها بنوا مهبط طائرات، منه تقلع كميات كبيرة من الكوكايين تقدر بـ 70 الى 80 طن شهريا، في طريقها الى الولايات المتحدة . و مكنه هذا من التحكم في أغلب المخدرات التي تدخل الولايات المتحدة، بويرتو ريكو، فينزويلا، جمهورية الدومينيكان، المكسيك و اسبانيا .
هوسه بالقتل
و تسبب اسكوبار في قتل الألاف من الأشخاص، بيما في ذلك رجال الشرطة و موظفي الدولة . و بيديه قتل حوالي 100 شخص، و هو مسؤول عن اغتيال المرشح الرئاسي الكولومبي، لويس كارلوس غالان سنة 1989 .
في أوج نشاطه حقق الكارتيل الذي يتزعمه بابلو اسكوبار أكثر من 60 مليون دولار في اليوم الواحد . و القيمة الصافية التي قُدرت في سنة 1989 وصلت لـ 3 مليار دولار. و خلال مرحلة حياته وصلت ثروة اسكوبار الشخصية لأكثر من 4 مليار دولار، بحيث صنفته مجلة فوربس كسابع أغنى رجل سنة 1987 . و من المفارقات الغريبة أنه كان يخسر كميات كبيرة من النقود بسبب التهام الجرذان لها .
بالنسبة لسكان ميديلين اسكوبار كان رمزا للكرم، و هذا ما جعله محبوبا عندهم. فقد بنا الكنائس، المستشفيات، الملاعب الرياضية و المدارس. و مساعداته المتواصلة للمحتاجين جعلت سكان ميديلين يساعدنوه في الإختباء من الشرطة . كما مكنته من دخول البرلمان الكولومبي سنة 1982 .
الفترة الدموية
مع بداية التسعينات بدأت السلطات في ملاحقة عصابات المخذرات، هذا ما جعل بابلو يحارب من أجل فرض قوته عليها . فقد أعطى لرجاله مكافآت كبيرة مقابل قتل رجال الشرطة، هذا ما أدى لتصفية أكثر من 600 شرطي في بداية التسعينات .
و عندما بدأت ادارة الرئيس الكولومبي سيزار غافيريا تضغط على عصابات المخدرات، استطاعت الجلوس و التفاوض مع اسكوبار . في مقابل عقوبة مخففة و معاملة مميزة وافق بابلو على دخول السجن . داخل سجنه الخاص و الفاخر الذي أسماه الكتدرائية، استطاع اسكوبار مواصلة أعماله . و هذا ما لم يرضي الحكومة التي حاولت وضعه في سجن آخر، لكنه هرب منهم في الـ 22 من يوليو سنة 1992 .
النهاية
بعد مدة طويلة و بحث شاق تمكّنت السُلطات الكولومبية بمساعدةٍ أمريكية من ايجاده في أحد الأحياء المتوسطة لمدينة ميديلين، بعد أن أطال الحديث في الهاتف مع عائلته . و بعد أن حاول الهرب، أصابته رصاصة في قدمه، و أخرى في الجذع ثم الأذن. لتنتهي حياته الحافلة بالأعمال الإجرامية في اليوم الثاني من ديسمبر سنة 1993، بعد يوم فقط من عيد ميلاده الـ 44 .
---------------------------------------
⚠ اقرأ أيضا : سيرة معمر القذافي بين الثائر الشاب و الديكتاتور العجوز
---------------------------------------