حياة معمر القذافي بين الثائر الشاب و الدكتاتور العجوز

من طفل فتح عينينه في الصحراء على بلد يحتله الطُليان، ثم ضابط طموح تحفزه فكرة القومية العربية و ينبذ الإمبريالية الغربية، الى مؤسس و حاكم للجماهيرية الليبية، هذه لن تكون الا سيرة لرجل واحد هو معمر القذافي الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 سنة، فاجئ العالم خلالها بمواقفه الغريبة و تصرفاته المثيـــــرة للجدل .


وُلد معمر محمد ابو منيار القذافي في السابع من يونيو سنة 1942 بمدينة سرت غربي ليبيا . و نشأ في خيمة بدوية، مع عائلته التي تنتمي لقبيلة القذاذفة . و حين وُلد كانت ليبيا لا تزال مستعمرة ايطالية قبل أن يشهد استقلالها سنة 1951 . في شبابه تأثر القذافي بالحركة القومية العربية و لم يخفي اعجابه بالرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر . بعد فترة قصيرة درس خلالها التاريخ بجامعة بنغازي، توجه القذافي سنة 1963 للكلية الحربية بنفس المدينة . و بعد تخرجه أمضى 9 شهور من التدريب العسكري في المملكة المتحدة .

تسلق القذافي بثبات عبر المراتب العسكرية. و بسبب سخطه المتنامي على النظام الملكي الليبي، تورط مع مجموعة من الضباط في حركة للإنقلاب على الملك ادريس السنوسي، الذي كان يعتبره امتداد للإمبريالية الغربية . بسبب مهارته و كاريزمته الفريدة أصبح القذافي قائدا لهذه المجموعة . و في الفاتح من شتنبر سنة 1969 استغلوا غياب الملك الذي كان في تركيا لأغراض صحية، للسيطرة على المنشأت الإستراتيجية . لينتهي اليوم بإعلان نجاح الإنقلاب أو ثورة الفاتح كما أحب القذافي أن يسميها . بعدها عين نفسه عقيدا و قائدا عاما للقوات المسلحة، و رئيسا لمجلس الثورة . ليصبح معمر القذافي في سن الـ 27 الحاكم الأوحد لليبيا .

أول ما قام به القذافي بعد توليه السلطة هو اغلاق القواعد العسكرية البريطانية و الأمريكية في ليبيا . و طالب شركات البترول الأجنبية بحصة كبيرة من عائدات النفط . و قد عاد تأميم العديد من الشركات بنتائج اقتصادية مهمة على ليبيا، حيث استمر الناتح المحلي الخام و الدخل الفردي في الإرتفاع حتى نهاية السبعينات . كما عوض التقويم المسيحي بالتقويم الإسلامي، و منع بيع الكحول داخل البلاد . في سنة 1970 طرد من تبقى من الإيطاليين في ليبيا تأكيدا لرؤيته حول الصراع بين القومية العربية و الإمبريالية الغربية . و في سنة 1973 جاء بالنظرية العالمية الثالثة و التي تنبذ الإمبريالية التي يمارسها العالم الغربي و المعسكر الشيوعي و دعا للوحدة القومية . و كان معارضا للصهيونية و اسرائيل، كما طرد الجالية اليهودية أيضا .

بعد شعوره بالتهديد اثر تعرضه لمحاولة انقلاب قام بها أحد زملائه، في ديسمبر 1969، أضاف القذافي للقانون الليبي جريمة المعارضة السياسية . و مع الوقت أصبحت دائرة المقربين منه تتقلص، لتصبح السلطة مركزة عنده و فئة صغيرة ممن يثق بهم . أما رجال مخابراته فقد كانوا منتشرين حول العالم لإسكات الأفواه المنفية التي كانت معارضة لنظامه . 

في أيامه الأولى بحث القذافي لليبيا عن هوية شرقية بعيدا عن بقايا الإستعمار الغربي، فكان انفتاحه الأكبر نحو الشرق الأوسط و افريقيا. و أقحم الجيوش الليبية في صراعات عديدة بالمنطقة بما في ذلك مصر ،السودان و الحرب الأهلية الدموية في التشاد . 

في منتصف السبعينات نشر القذافي الجزء الأول من كتابه الأخضر الشهير، و هو عبارة عن دليل لفلسفته السياسية . يصف في ثلاث أجزاء من الكتاب مشاكل اليبرالية الديموقراطية و الرأسمالية، ثم يقدم سياسات قادرة على علاج هذه المشاكل . و في سنة 1977 حل الجمهورية العربية الليبية ليشكل الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية . و جعل من الخلفية الخضراء علماَ جديدا للبلد . 

دائما ما ادعى القذافي أن ليبيا تفخر باللجان الشعبية و المِلكية المشتركة، لكن في الواقع هذا بعيد عن الصحة . كان القذافي يحتكر المناصب الحساسة له و لعائلته و المقربين منه، و تسبب هذا الفساد و الحملات القمعية ضد أي نوع من التنظيم المدني، في تدني مستويات المعيشة لدى فئة كبيرة من الليبيين . في تلك الأثناء كان القذافي و مقربيه يحشدون ثروات هائلة من عوائد النفط بينما كان النظام يقتل من يعتبرهم منشقين . 

الى جانب معارضة سياساته الداخلية، كان القذافي يلام حتى من المجتمع الدولي . حيث تورطت الحكومة الليبية في تمويل و حماية العديد من الجماعات الإرهابية بما في ذلك الجيش الجمهوري الأيرلندي، الشيء الذي تسبب في قطع العلاقات الديبلوماسية بين ليبيا و العديد من الدول على مر السنوات . ووصلت ردود الفعل الى قصف مناطق ليبية، بما في ذلك مقر سكنى القذافي بطرابلس، من طرف القوات الأمريكية سنة 1986 . لكن أشهر العمليات الإرهابية التي ارتبطت بليبيا هي تفجير طائرة ركاب فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية سنة 1988 مما أدى لوفاة 259 شخصا . 

مع بداية التسعينات و زيادة الإنتقادات الموجهة لنظامه من طرف الجماعات السلفية، بدأ القذافي يحسن علاقاته مع الغرب، عبر مشاركة معلومات مع المخابرات الأمريكية و البريطانية . و في سنة 1994 تمكن نيلسون منديلا من اقناعه بتسليم منفذي عملية لوكربي . و لم يمضي وقت طويل حتى أصلح علاقاته مع الغرب على عدة مستويات. فصار مرحبا به في العواصم الأوروبية، و أصبح من أقرب الأصدقاء لرئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني. 

في 2001، خففت هيئة الأمم المتحدة من العقوبات المفروضة على ليبيا، كما عادت شركات النفط الأجنبية، للإسثتمار في الحقول الليبية بعقود أكثر تحفيزا. التدفق الهائل للأموال الذي خلفه تحسين العلاقات مع الغرب، جعل القذافي و دوائره يزدادون غنى . هذا ما أدى لزيادة الهوة بين الأغنياء و الفقراء و بشر بانتفاضة وشيكة .

بعد أكثر من 40 سنة من الحكم، لم يستطع القذافي الصمود في وجه الجماهير الغاضبة . فالربيع العربي الذي انطلق من تونس بثورة اسقطت زين العابدين، مرورا بمصر و نهاية عصر مبارك، حط الرحال ببنغازي في شهر فبراير 2011 ثم انشر في كل انحاء ليبيا . على عكس سابقيه لم يستسلم القذافي بسهولة . فبعد فشل محاولاته الإعلامية و خطاباته المثيرة التي وصف فيها المتظاهرين بالعملاء و الإرهابيين و مدمني المخدرات، استخدم القوة في مواجهة الحشود، ليَسقط المئات من المتظاهرين ضحايا لرصاص الشرطة و قوات من المرتزقة . هذا ما أدى للمطالبة بإسقاطه عاجلا . في هذه الفترة بالذات تأسس المجلس الإنتقالي الليبي الذي حصل بسرعه على دعم الكثير من الدول . و مع نهاية شهر مارس 2011، بدأ حلف الناتو بتقديم المساعدة للثوار في شكل ضربات جوية. و استمر هذا التدخل لـ 6 أشهر و أسفر عن مقتل احد أبناء معمر القذافي . و في أغسطس 2011 تمكن الثوار من السيطرة على آخر معاقل أنصار القذافي، العاصمة طرابلس . في الـ 20 من أكتوبر من نفس السنة، أُعلن عن وفاة معمر القذافي قرب مسقط رأسه مدينة سرت، كما تم تداول شريط فيديو له قبل وفاته بلحظات .

خلال حياته تزوج القذافي مرتين، الأولى كان اسمها فتيحة النوري و رزق منها بولد قبل أن ينفصلا سنة 1970 . ليتزوج بعدها بصافية فَركش التي انجبت منه 7 أبناء، و تبنوا ابنين بعد ذلك . 

خلال الأربعين سنة التي قضاها في الحكم، كانت صور القذافي في كل مكان من ليبيا، على الطوابع البريدية، الساعات و الأدوات المدرسية . كما انتشرت مقتطفات من كتابه الأخضر في الشوارع و المطارات . و كان يَعتبر هذا دليلا على حب الليبيين له . 

من عاداته الغريبة أيضا ايقاف كامل الحركة الجوية داخل ليبيا عندما تُقلع طائرته . و في رحلاته لدول أخرى كان يرتدي أزيائه الغريبة و يأخد معه خيمته المضادة للرصاص حفاظا منه على تقاليده البدوية . و كان يرافقه فريق خاص من الحارسات الشخصيات، و يعتني به و عائلته ممرضات اوكرانيات . 

و لعل أطرف ما قد تلاحظه هو خطاباته الغريبة سواء في القمم العربية أو خلال اجتماعات الأمانة العامة للأمم المتحدة . آخر شيء كان يفكر فيه هو احترام البروتوكولات المعمول بها . و دائما ما كان يسترسل في الحديث غير مبالي بالحيز الزمني، ووصل به الأمر الى رمي ميثاق الأمم المتحدة و التأكيد على عدم صلاحيته و ضرورة استبداله بالكتاب الأبيض، و هو أحد انتاجاته الفكرية . اطلق على نفسه العديد من الألقاب أبرزها قائد الثورة، رئيس الإتحاد الإفريقي، ملك ملوك افريقيا، امام المسلمين، و غيرها العديد . لكن لم يشفع له أي منها عندما استفاق الشعب الليبي، و أحس بضرورة التغيير . هذا التغيير الذي نتمنى أن يكون للأفضل و يجعل من ليبيا نموذجا ناجحا تقتدي به باقي الشعوب، لا فزاعة يتم استخدامها لإمتصاص حماس الجماهير.

-------------------------
المصادر: 1 2 3


بابلو اسكوبار، قصة بارون المخدرات الأشهر على الإطلاق


من منا لا يعرف بابلو اسكوبار، بارون المخدرات الأشهر على الإطلاق . كيف لا و هو الذي لا يفارق اسمه لفظة كوكايين، و ربما البعض يتذكرونه بمجرد ذكر دولة كولومبيا . 
في هذه الحلقة من سلسلة "من هو ؟" سنتعرف على حياة هذا الرجل الحافلة بالأحداث، و اللحظات الحاسمة، و الكميات الهائلة من الكوكايين التي وصلت لجميع دول المنطقة . 



الطفولة 

ولد بابلو ايميليو اسكوبار غافيريا، في الأول من ديسمبر سنة 1949 بـمدينة "ريو نغرو" الكولومبية . والده أبيل دي خيسوس داري اسكوبار كان فلاحا، و أمه هيرميلدا كافيريا كانت معلمة في مدرسة ابتدائية . 
بدأت شخصيته الإجرامية بالظهور منذ صغره، حيث كان يسرق شواهد القبور ليعيد بيعها . و خلال مرحلة شبابه ارتاد الجامعة لفترة قصيرة . 

الشباب 

في العشرينات من العمر قام بابلو بالعديد من الأعمال الإجرامية، كبيع أوراق اليانصيب المزورة، السجائر المهربة و سرقة السيارات. و اشتغل أيضا حارسا شخصيا . حتى أنه حصّل فدية قدرها 100 ألف دولار بعد خطفه لأحد نواب مدينة ميديلين . 

الكوكايين 

بدأ اسكوبار استثماره في الكوكايين سنة 1975، عبر ارسال و ربما قيادة طائرات محملة بهذا المخدر، الى الولايات المتحدة الأمريكية. 

و في أحد الكتب مجهولة المؤلف التي ظهرت في كولومبيا سنة 1989، يحكي بابلو عن بداياته : "كيف بدأت ؟ كنت شابا لديه طموح و رغبة في الحياة . لم اكن اعرف شيئا عن تهريب المخدرات . قبل أن أقابل شابا أمريكيا في أحد ملاهي ميديلين و كان يملك طائرة خاصة . و أراد شراء الكوكايين . فيما بعد أخدت قراري . ووضعته على اتصال مع متخصصين . منذ تلك اللحظة وجدت نفسي مرتبطا بحبل هذه التجارة، و التي تعرفت عبرها على العديد من الأصدقاء. بدأنا ببيع الكوكايين لهذا الطيار الأمريكي، الذي كان يأتي لكولومبيا بطائرته الأمريكية و يدفع نقدا بالدولار. للوهلة الأولى بدا لي هذا العمل سهلا، قليل المخاطر و مربح للغاية . كما أنه لم يتطلب قتل الناس، ففي تلك الفترة لم يكن يظهر على الصفحات الأولى للجرائد .. و في داخلي ، وجدت هذا العمل طبيعي للغاية " 

و يعتقد أن بابلو اسكوبار المسؤول عن اغتيال اكبر مهربي مدينة ميديلين انذاك "فابيو ريستريبو"، ليستلم أعماله و يزيد من سمعة المدينة . تم القبض على اسكوبار في مايو 1975، لكنه أرشى الشرطة التي أطلقت سراحه و أغلقت القضية . و بعدها صارت رشوة و قتل المسؤولين الأمنيين عادة يومية لديه تحت مسمى "مال أو رصاص" .


في سن السادسة و العشرين تزوج بابلو من ماريا فيكتوريا ايناو ذات الخمسة عشر سنة و التي خلّف منها ابنين خوان بابلو و مانويلا . و سكنت العائلة في منزل فاخر، أطلقوا عليه اسم "مزرعة نابولي" . 

مع زيادة الطلب على الكوكايين في الولايات المتحدة، بدأ بابلو ينشأ شبكات نقل في جنوب كل من فلوريدا و كاليفورنيا و أجزاء أخرى من أمريكا . هو و شريكه كارلوس ليدير، اشتروا أجزاء كبيرة من جزيرة نورمان كاي في الباهاماس. و عليها بنوا مهبط طائرات، منه تقلع كميات كبيرة من الكوكايين تقدر بـ 70 الى 80 طن شهريا، في طريقها الى الولايات المتحدة . و مكنه هذا من التحكم في أغلب المخدرات التي تدخل الولايات المتحدة، بويرتو ريكو، فينزويلا، جمهورية الدومينيكان، المكسيك و اسبانيا . 

هوسه بالقتل 

و تسبب اسكوبار في قتل الألاف من الأشخاص، بيما في ذلك رجال الشرطة و موظفي الدولة . و بيديه قتل حوالي 100 شخص، و هو مسؤول عن اغتيال المرشح الرئاسي الكولومبي، لويس كارلوس غالان سنة 1989 . 

في أوج نشاطه حقق الكارتيل الذي يتزعمه بابلو اسكوبار أكثر من 60 مليون دولار في اليوم الواحد . و القيمة الصافية التي قُدرت في سنة 1989 وصلت لـ 3 مليار دولار. و خلال مرحلة حياته وصلت ثروة اسكوبار الشخصية لأكثر من 4 مليار دولار، بحيث صنفته مجلة فوربس كسابع أغنى رجل سنة 1987 . و من المفارقات الغريبة أنه كان يخسر كميات كبيرة من النقود بسبب التهام الجرذان لها . 

بالنسبة لسكان ميديلين اسكوبار كان رمزا للكرم، و هذا ما جعله محبوبا عندهم. فقد بنا الكنائس، المستشفيات، الملاعب الرياضية و المدارس. و مساعداته المتواصلة للمحتاجين جعلت سكان ميديلين يساعدنوه في الإختباء من الشرطة . كما مكنته من دخول البرلمان الكولومبي سنة 1982 . 

الفترة الدموية 

مع بداية التسعينات بدأت السلطات في ملاحقة عصابات المخذرات، هذا ما جعل بابلو يحارب من أجل فرض قوته عليها . فقد أعطى لرجاله مكافآت كبيرة مقابل قتل رجال الشرطة، هذا ما أدى لتصفية أكثر من 600 شرطي في بداية التسعينات . 

و عندما بدأت ادارة الرئيس الكولومبي سيزار غافيريا تضغط على عصابات المخدرات، استطاعت الجلوس و التفاوض مع اسكوبار . في مقابل عقوبة مخففة و معاملة مميزة وافق بابلو على دخول السجن . داخل سجنه الخاص و الفاخر الذي أسماه الكتدرائية، استطاع اسكوبار مواصلة أعماله . و هذا ما لم يرضي الحكومة التي حاولت وضعه في سجن آخر، لكنه هرب منهم في الـ 22 من يوليو سنة 1992 . 

النهاية 

بعد مدة طويلة و بحث شاق تمكّنت السُلطات الكولومبية بمساعدةٍ أمريكية من ايجاده في أحد الأحياء المتوسطة لمدينة ميديلين، بعد أن أطال الحديث في الهاتف مع عائلته . و بعد أن حاول الهرب، أصابته رصاصة في قدمه، و أخرى في الجذع ثم الأذن. لتنتهي حياته الحافلة بالأعمال الإجرامية في اليوم الثاني من ديسمبر سنة 1993، بعد يوم فقط من عيد ميلاده الـ 44 .

---------------------------------------
⚠ اقرأ أيضا : سيرة معمر القذافي بين الثائر الشاب و الديكتاتور العجوز
---------------------------------------


قصة البيكي بلايندرز الحقيقية (Peaky Blinders)


لا شك أنه عند مشاهدتك لسلسة بيكي بلايندرز التي أنتجتها بي بي سي، تساءلت : هل هؤلاء الرجال ذووا القبعات عاشو حقا، و هل هذا العنف و الخداع شهدت عليه مدينة بيرمنغهام ؟
⚠ من أجل تجربة أفضل يمكنك مشاهدة الموضوع على شكل فيديو (في أسفل الصفحة)


لنجيب عن هذا السؤال يجب أن نلقي نظرة على التاريخ الحقيقي لعصابات المدينة . 

البدايات

بداية من سبعينيات القرن التاسع عشر بدأت بيرمنغهام تغرق في فقر شديد و ذلك بسبب الأحياء المكتظة بالسكان. فإنتشرت الجريمة كالنار في الهشيم بسبب غياب البدائل و حاجة الناس الملحة لكسب الرزق . 

و أدت رغبة التحكم في مناطق معينة من المدينة كسمول هيث و شيب سايد الى خلق عصابات مسلحة و صراعات عنيفة . و احدة من أقوى العصابات في تلك المناطق كان اسمها "the Sluggers أو الرعاة" و تزعمها رجل يدعى جون أدريان سنة 1870، و اشتهرو بتعدد أسلحتهم و من بينها حزام معدني ثقيل يضربون به ضحاياهم حتى يسلموهم ما يملكون . و قريبا سيظهر منافس جديد لهم، عصابة البيكي بلايندرز . 

يجب أن تلاحظ أن نشاط هذه العصابة كان ما بين ثمانينيات القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين، على عكس ما تصوره أحداث السلسلة التلفزيونية، التي تدور خلال عشرينيات القرن العشرين. 

معنى إسم بيكي بلايندرز Peaky Blinders

اسم بيكي بلايندرز جاء ليصفهم كرجال يخيطون شفرات معدنية حادة، في مقدمة قبعاتهم المسطحه الشهيرة، لكي يستخدموها كأسلحة . و في السلسلة التلفزيونية يوجه الإخوة شيلبي القبعات نحو وجوه أعدائهم مما يؤدي لقطع الأنوف و الأذان، و بنطحة رأس بإستطاعتهم اصابة العيون بالعمى، و بهذا يظهر لنا جليا معنى الإسم . 

لكن يرى العديد من المؤرخين أن هذا السيناريو مبالغ فيه، و ذلك لأن شفرات الحلاقة خلال تلك الفترة كانت في بداياتها، و لا يملكها الا الأغنياء بسبب ثمنها الباهض . كما أن أي رجل قوي لن يستطيع توجيه ضربة محكمة و دقيقة بواسطة شفرة على مقدمة قبعة . 



المظهر المميز

ما يجب أن نشهد به هو أن البيكي بلايندرز اشتهرو بطريقتهم المميزة في اللباس. حيث اعتمدوا على صورهم ليظهروا على نقيض ما توحي به وحشيتهم، و أيضا ليتم تمييزهم عن باقي العصابات . قبعات مسطحة بمقدمة قصيرة تميل نحو أحد الإتجاهين، ربطات عنق، سراويل فضفاضة، سترات بأزرار نحاسية و أحذية عمل مثينة. و في بعض الأحيان يرتدون حول أعناقهم أوشحة حريرية. 

أفراد العصابة

أبرز أفراد العصابة هم : هاري فاولر (19 سنة)، ارنست بايلز (19 سنة)، ستيفن ماكهيكي (24 سنة) و توماس جيلبيرت (36 سنة). و المثير للدهشة في صورهم هو الوجوه الطفولية التي تميزهم . 
و لا نعرف عن كل فرد سوى ما ضمته وثيقة توجيه تهم من أرشيف شرطة بيرمنغهام.

---------------------------------------
⚠ اقرأ أيضا : كيليان مورفي الممثل العبقري خلف شخصية توماس شيلبي
---------------------------------------

السجل الإجرامي

أما بالنسبة لجرائمهم فلم تكن بنفس التنظيم المثالي الذي نراه في العمل التلفزيوني، بل أن بعضها قد يجعلك تشعر بالإستغراب . فمثلا فاولر و بايلز كانا متورطين في سرقة الدراجات الهوائية، أما مكهيكي فقد سطى على متجر نسيج على بُعد أمتار فقط من محل سكنه . 
لكنهم برعوا في أنواع أخرى من الجرائم، و كانت مرتبطة بالمراهنات غير القانونية على سباقات الخيول، توفير الحماية و ادارة سوق برمنغهام السوداء. شهادات من تلك الفترة وصفت أفراد العصابة بأنهم "شبان ثملون يحبون الشجار و المطاردات في الشوارع ، يسبون و يشتمون المارة ". 

الإختفاء

ببداية القرن العشرين و مع توسع مدينة برمنغهام، بدأت العائلات تبتعد عن مركز المدينة مما أدى لبداية اختفاء العصابات . فبإتساع منطقة كسمول هيث، ستزيد المسافة الفاصلة بين مناطق العصابات المتنافسة و هذا سيحول دون نزاعات جديدة . و بسبب طبيعة الأعمال التي قام بها أفراد العصابات، كان قليلون فقط من يريدون لأبنائهم نفس القدر، لهذا لم تجري نقاشات حول الموضوع ، مما أدى الى تلاشي الفكرة لدى الأجيال التالية . 

البيكي بلايندرز اليوم

البيكي بلايندرز لم تعد اليوم سوى فلكلور و جزء من تاريخ مدينة برمنغهام، و أيضا قصة يتلاعب به كتاب النصوص ليقدموا لنا تحفة كمسلسل بيكي بلايندرز، الذي يلعب بطولته كيليان مورفي، توم هاردي، بول أندرسون و أخرون ...

---------------------------------------
⚠ اقرأ أيضا : متى سيعرض الجزء الخامس من مسلسل بيكي بلايندرز ؟
---------------------------------------




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: 1